ضمن سلسلة الويبينارات التي ينظمها قسم العمل النسائي في الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية (ايفسو)، انعقدت يوم الأربعاء الموافق 16 يوليو 2025 المحاضرة الثانية تحت عنوان: “الأسرة وتحديات العولمة”، قدّمتها الدكتورة كاميليا حلمي طولون، رئيس لجنة الأسرة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وعضو الهيئة الاستشارية لمعهد الأسرة الدولي، وعضو مجلس إدارة المنتدى العالمي للفكر والثقافة في تركيا.
افتتحت المحاضِرة اللقاء بالتأكيد على أن الأسرة تقف في قلب التحدي الحضاري الذي يواجه المجتمعات الإسلامية، معتبرة أن استهداف بنيتها ووظيفتها ليس معزولاً عن مشاريع أيديولوجية تسعى إلى تفكيك .الهويات الجماعية وإعادة تشكيل الإنسان وفق النموذج الليبرالي الغربي
وشددت على أن الحفاظ على الأسرة لا يمكن أن يتم بمنأى عن معركة الوعي، التي تستوجب فهماً دقيقاً لطبيعة التحديات، واستيعابًا للآليات الناعمة التي تُستخدم لإعادة صياغة المفاهيم والقيم في المجتمعات المسلمة.
تطرقت المحاضرة إلى ما وصفته بـ”العولمة الأسرية”، والتي تُروّج من خلال الإعلام الدولي، والسينما، ومنصات الأمم المتحدة، حيث يتم تسويق نمط الحياة الغربي بوصفه النموذج الأمثل، مع ما يحمله من مفاهيم مثل “الاستقلال المطلق”، و”تحييد الفوارق الفطرية”، و”إعادة توزيع الأدوار داخل الأسرة”، الأمر الذي ينعكس على القوانين، والمناهج، والسياسات المحلية في كثير من الدول الإسلامية.
ركزت الدكتورة كاميليا حلمي على تفكيك عدد من المصطلحات المفصلية الواردة في وثائق الأمم المتحدة، معتبرة أن غموضها المقصود يفتح الباب لتأويلات تتصادم مع المرجعية الإسلامية، ومن أبرز هذه المصطلحات:
“الجندر” الذي يتجاوز التصنيف البيولوجي.
“الصحة الجنسية والإنجابية” والتي تشرعن الإجهاض والعلاقات خارج الزواج.
“الحقوق الجنسية” التي تتضمن التوجهات الشاذة.
“العنف القائم على النوع” والذي يُستخدم أحيانًا لتقويض مفاهيم القوامة والولاية.
وأوضحت أن تمرير هذه المصطلحات يتم غالبًا تحت عناوين مثل “المساواة” أو “العدالة”، وهو ما يستوجب يقظة لغوية وحقوقية مضادة.
في القسم الأخير من المحاضرة، شددت المتحدثة على ضرورة الانتقال من التوعية إلى الفعل، من خلال:
إعداد كفاءات شبابية قادرة على التفاعل داخل المنظومة الدولية بلغة قانونية وأخلاقية أصيلة.
إنتاج خطاب بديل ينبثق من المرجعية الإسلامية ويتعامل باحترافية مع أدوات التأثير المعاصرة.
استثمار الإعلام، والتعليم، والمنصات الدولية لتقديم رؤية متماسكة للأسرة كأحد أعمدة الاستقرار الإنساني.
دعم جهود إنتاج تقارير موازية تكشف الخلل المفاهيمي في كثير من التوصيات الأممية.
شهدت المحاضرة تفاعلًا إيجابيًا من الحاضرين، وطرحت تساؤلات حول كيفية التعامل مع المصطلحات الوافدة، وأدوات التصدي للسياسات الدولية الضاغطة على الخصوصيات الثقافية، والدور المتوقع من المؤسسات الشبابية في هذه المواجهة.
تأتي هذه المحاضرة ضمن توجه قسم العمل النسائي في (ايفسو) لتقديم قراءة واعية لقضايا الأسرة والمرأة في السياق الدولي، وفتح نوافذ حوارية تسهم في بناء جيل طلابي وشبابي يمتلك أدوات الوعي والعمل، ويشارك بفاعلية في الدفاع عن قيمه الحضارية في فضاء عالمي متغير.