

إسلام آباد – ديسمبر 2025
في سياق السعي لتعزيز العمل المشترك بين المنظمات الطلابية والشبابية وتطوير الكفاءات الشبابية، اختتمت في العاصمة الباكستانية إسلام آباد أعمال “القمة الدولية للقيادة 2025” (ILS 2025) التي استضافتها “جمعية الطلبة الإسلامية” (Islami Jamiat-e-Talaba – IJT) والتي تم تنظيمها بالتعاون مع الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية (IIFSO) ؛ وقد تميزت القمة في نسختها الحالية بتبني مقاربة نوعية أعادت ترتيب أولويات العمل حيث وضعت ملف “البناء الفكري للشباب” و”تأهيل القيادات” كمنطلق أساسي وركيزة أولى قبل الانتقال إلى تفكيك المشهد السياسي الدولي واستشراف متغيراته المتسارعة.
انطلاقة بروح الترحيب والرؤية الجامعة
واستهلت القمة أعمالها بأجواء مفعمة بالإيجابية، حيث رحب الأستاذ حسن بلال هاشمي (Hassan Bilal Hashmi) ، رئيس “إسلامي جمعيت طلبة باكستان”، في كلمته الافتتاحية بالضيوف المميزين والوفود المشاركة، واضعاً إطاراً فكرياً شاملاً للنقاشات ومؤسساً لنبرة حوارية تتسم بالعمق والشمول؛ وقد ركز هاشمي في كلمته على أهمية هذا التجمع النوعي في توحيد الرؤى وتجديد العهد بين القيادات الطلابية، معتبراً أن استضافة إسلام آباد لهذا الحدث تعكس التزام المنظمة بمد جسور التواصل وبناء بيئة تفاعلية حاضنة للأفكار والرؤى المستنيرة.
أولوية القيادة الرشيدة في عالم متغير
وانطلاقاً من رؤية تعتبر أن العنصر البشري هو حجر الزاوية في أي مشروع نهضوي، تصدر محور البناء القيادي أجندة القمة عبر مناقشات معمقة هدفت لتجاوز المفاهيم التقليدية؛ وفي هذا الإطار قدم الدكتور خالد رحمن (Dr. Khalid Rehman) ، رئيس معهد دراسات السياسات في إسلام آباد، رؤية تحليلية خلال جلسته التي حملت عنوان “تمكين الجيل القادم: سمات القيادة الشبابية الرشيدة” ركز فيها على ضرورة صياغة شخصية قيادية تمتلك الأدوات المعرفية والمهارية اللازمة للتعامل مع تعقيدات العصر، وخلصت الرؤى المطروحة إلى ضرورة أن يجمع القائد الشبابي بين الكفاءة المهنية العالية والالتزام القيمي ليكون قادراً على الإسهام بفاعلية في مجتمعه والموازنة بين الثوابت والمتغيرات في بيئة عالمية تتسم بالسيولة والتحديات الثقافية.
قراءة تحليلية للمشهد الدولي
وبعد تأسيس الأرضية المتعلقة ببناء القائد، توسعت نقاشات القمة لوضع هذا الجيل الصاعد أمام مسؤولياته في فهم الواقع الدولي المعقد؛ حيث استعرض السيناتور مشاهد حسين سيد (Senator Mushahid Hussain Sayed) ، سكرتير الإعلام في الرابطة الإسلامية، ملامح المشهد الجيوسياسي في محاضرة بعنوان “تحول مراكز القوى: فهم النظام العالمي الناشئ وتأثيراته” مقدماً قراءة هادئة لديناميكيات النظام الدولي وموضحاً أن العالم يشهد إعادة تشكل لمراكز القوى وتراجعاً للأحادية القطبية، وهو ما يفرض على القيادات الشابة ضرورة فهم هذه التحولات بدقة لضمان التموضع الصحيح وحماية المصالح الاستراتيجية للعالم الإسلامي.
واستكمالاً لهذه الرؤية الاستشرافية، قدم عالم الاجتماع ومؤسس “غالوب باكستان”، الدكتور إعجاز شافي جيلاني (Dr. Ijaz Shafi Gilani) ، مقاربة علمية بعنوان “من الأزمة إلى الفرصة: إعادة تصور دور الأمة في التحول العالمي” مستنداً في طرحه إلى البيانات والتحليل الرصدي ومؤكداً أن التحديات العالمية الراهنة تحمل في طياتها فرصاً حقيقية للأمة الإسلامية لتقديم إسهاماتها الحضارية شريطة امتلاك الوعي اللازم لتحويل الأزمات إلى مسارات للحل والبناء.
الرصيد الفكري بوصلة المستقبل
وفي سياق ضبط التطلعات المستقبلية وتأصيلها، حرصت القمة على استحضار الجذور الفكرية كضمانة للتوازن وعدم التيه؛ فمن خلال جلسة “الإحياء الفكري للإمام أبي الأعلى المودودي وتأثيره العالمي” التي قدمها البروفيسور الدكتور سفير أختر (Prof. Dr. Safir Akhtar) ، رئيس تحرير مجلة “نقطة نظر”، تم التأكيد على أن انخراط الشباب في العمل العام وبناء الشراكات الدولية يتطلب الاستناد إلى مرجعية فكرية رصينة، حيث يمثل هذا الإرث الفكري منطلقاً يعزز الهوية ويمنح الحركة الطلابية القدرة على التفاعل مع المستجدات دون فقدان البوصلة ليظل الفكر الأصيل هو الموجه للخطط الاستراتيجية والممارسات الميدانية.
شكر وتقدير للشريك المؤسس
وخلال الفعاليات التي شهدت لقاءات تشاورية مغلقة وتبادلاً للخبرات، وجه الدكتور عبد الله أحمد (Dr. Abdullah Ahmed)، الأمين العام المساعد لإيفسو، كلمة شكر وتقدير لـ “إسلامي جمعيت طلبة باكستان” على استضافتها المتميزة للقمة وإتاحتها الفرصة لبناء شراكات وعلاقات مستدامة بين المنظمات المشاركة؛ مشيداً بالدور التاريخي والمحوري للجمعية باعتبارها واحدة من المنظمات التسع التي أسست الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية (IIFSO) عام 1969 ، ومثمناً إسهاماتها المستمرة والممتدة في دعم مسيرة العمل الطلابي الإسلامي وتعزيز أواصر الأخوة والتعاون المشترك.
