اختتمت أعمال “القمة الدولية للقيادة الطلابية”، التي نظمها “الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية” (إيفسو) يومي 21 و22 أكتوبر/تشرين الأول 2024، في إسطنبول بتركيا.
وشارك في القمة نحو 130 من قيادات الشباب والطلاب يمثلون 65 منظمة من 40 دولة حول العالم، حيث تناول المشاركون خلال القمة قضايا وتحديات العالم الإسلامي، وسبل تعزيز دور المنظمات الطلابية والشبابية في مواجهة هذه التحديات والعمل على تحقيق الأهداف المشتركة للأمة.
إحياء دور الأمة الإسلامية
وفي معرض كلمته أمام الحضور، قال د. مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الخارجية السوداني الأسبق: “هذه الأمة خلقها الله لتقود، لكن لهذه القيادة ثمن علينا أن ندفعه”.
وأشار إلى أن “العديد من البلدان الإسلامية تدفع ثمن هذا النهوض، وما نراه في غزة والسودان وكشمير وتونس وغيرها، هو جزء من هذا الثمن”.
وأكد “إسماعيل” أنه “لابد للإيفسو أن تتبوأ مقعدها في القيادة”.
الشباب كمحرك للتغيير
وأوضح رئيس جمعية شبيبة الأناضول، صالح تورهان، أن “هدفنا من هذا المؤتمر هو التخطيط للمستقبل، وأن الشباب هو المستقبل”، مشيرا إلى أن “الصهيونية لا تستهدف غزة أو فلسطين فقط، بل هدفها أبعد من ذلك بكثير”.
وأضاف أن “الصهاينة يريدوننا أن نكون أسرى الأمر الواقع، وألا نفكر في مستقبلنا”، موضحا أن العالم الإسلامي يواجه العديد من المشكلات، وأن المؤتمر يهدف إلى تقديم شيء للأمة.
إحياء “إيفسو”
بدوره، قال المستشار السابق لرئيس “حزب العدالة والتنمية” التركي، ياسين أقطاي، إن “مؤسسة الإيفسو كانت نائمة نوعا ما خلال السنوات الماضية، لكننا نشهد اليوم إحياء جديدا لها”.
وتذكّر “أقطاي” عندما كان طالبا في مدارس الأئمة والخطباء، حيث كان يقرأ الكتب التي ترجمتها “إيفسو”، موضحا أن هذه الكتب هي ما شكلت وعيه.
وشدد أقطاي على أن “الجرح الأكبر هو غياب المظلة الجامعة لأمتنا منذ 100 عام”، مؤكدا ضرورة دعم المنظمات الفاعلة التي تسعى لإعادة الوحدة.
التضامن الإسلامي مع فلسطين
بجانبه، نوه رئيس الدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية (إكنا)، محسن أنصاري، أن “إخوانكم في أمريكا الشمالية يشاركونكم الآلام، ويحاولون بكل ما في وسعهم لدعم ومساعدة إخوانهم في غزة”.
وأضاف: “احتشدنا بالآلاف في الكثير من ميادين الولايات المتحدة لنهتف بحرية فلسطين”.
كما أشار “أنصاري” إلى التحول الذي حدث منذ أحداث 11 سبتمبر/أيلول، قائلا: “بعد أحداث 11 سبتمبر كان العديد من المسلمين يخشون إظهار إسلامهم”.
واستدرك: “لكن اليوم، وبعد جهد كبير، نستطيع جميعا أن نقف علنا في أمريكا لننادي بحرية فلسطين ودعم إخواننا في غزة”.
وتابع: “لم نكتف بالحشد أمام البيت الأبيض، بل أغرقنا قنوات الاتصال الخاصة بأعضاء الكونغرس والهيئات الحكومية لرفض الإبادة الجارية والضغط لإيقافها”.
عراقة “الإيفسو”
ومن جانبه، أشار د. مصطفى طلبة، عضو المكتب التنفيذي للإيفسو سابقا، إلى عراقة مؤسسة “إيفسو”، حيث قال: “ما زلت أتذكر لقائي بالدكتور مصطفى عثمان حين استلمت منه مكاتب الطلاب الناطقين بالإنجليزية والعربية في الإيفسو”.
وأردف: “بدأنا بأعداد قليلة، ثم صار عددنا بالآلاف”.
وأكد طلبة على أن “إيفسو” كأم لها آلاف الأبناء في هذا العالم مترامي الأطراف، وسوف تستمر كمؤسسة فاعلة في تشكيل المستقبل”.
مواجهة التحديات الراهنة
بدوره، قال وزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبد السلام: “نمر بمرحلة صعبة نواجه فيها ضروبا مختلفة من التحديات والأزمات”.
وأوضح أن “ما يحدث حاليا في غزة ولبنان ليس أحداثا محلية، وإنما تحديات إقليمية تنعكس تداعياتها على العالم أجمع”.
وشدد عبد السلام على أن “العالم الإسلامي في حاجة إلى قيادة جديدة شابة ونشطة، تتسلح بالوعي السياسي والعملي والإداري، لمجابهة التحديات التي تواجه المسلمين في كل مكان”.
كما دعا إلى تشكيل الشخصية القيادية الواعية لمواجهة الأزمات، مستشهدا بفكر ابن خلدون حول قدرة الأمة الإسلامية على النهوض.
ثورة بنغلاديش
وفي معرض حديثه، أكد الأمين العام للجماعة الإسلامية في بنغلاديش، ميا غلام باروار، أن “الشباب هم من قادوا ثورة بنغلاديش التي أسقطت الشيخة حسينة”، معتبرا ذلك مثالا حيا على ما يستطيع الشباب فعله.
وأوضح أن “رغم السياسات القمعية، استمر الشباب في الهتاف بالحرية وأطاحوا بحسينة ليفتتحوا عهدا جديدا للبلاد”.
كما أكد على أهمية دور الإيفسو في تعزيز التعاون بين دول العالم الإسلامي.
التشبيك مع رجال الأعمال
وفي كلمته، أشار مستشار رئيس وزراء تركيا سابقا، عمر فاروق قرقماز، إلى أن أهمية الوحدة الإسلامية قائلا: “نحن أمة واحدة، وأنتم هنا ضيوف سيدنا أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، والسلطان محمد الفاتح، والسلطان عبد الحميد الثاني”.
وذكّر بالجهود التي قدمها عدد من الشخصيات الإسلامية في تأسيس ودعم “إيفسو”، مثل الدكتور أحمد طوطنجي، والأستاذ مصطفى الطحان.
ودعا قرقماز إلى ضرورة العمل على جمع الكفاءات من جميع المجالات، خاصة رجال الأعمال.
تحديات جمة
أما رئيس قسم الشباب في حزب “أمانة” الماليزي، حسبي مودة، فقد ركز في كلمته على أن “تشظي الأمة وانقساماتها السياسية تعرقل أي فعل نقوم به”.
وقال: “عندما ننظر إلى أي مؤشر لنرى أين تقع بلداننا سياسيا واقتصاديا وفي كل المجالات، نجد أننا في ذيل القائمة، وهذا الوضع يجب ألا يستمر”.
وأكد “مودة” على أهمية جهود الشباب في تغيير هذا الواقع.
حرب السرديات
من جهته، قال مسؤول العلاقات الخارجية في الجماعة الإسلامية بباكستان، آصف لقمان: “نعيش في عالم من حرب السرديات، وفي حرب غزة الجارية، انتصرنا للمرة الأولى على السردية الصهيونية”.
وأكد لقمان على ضرورة تطوير استراتيجيات علمية لمواجهة التحديات، مشددا على أهمية دور الشباب المتخصصين في تمثيل الأمة الإسلامية.
التمسك بالأهداف
بدوره، قال الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان، عزام الأيوبي: “في الوقت الذي تخططون فيه لبناء غد أفضل، هناك من يسعى إلى منعكم من بناء هذا المستقبل”.
وأضاف: “رغم أن الربيع العربي مرَّ بخريف وشتاء، إلا أن الله لا يضيع جهود الصادقين، فجاء طوفان الأقصى”.
وأوضح أن “الطوفان يقول لنا لا تتراجعوا، لا تظنوا أن أهدافكم مستحيلة التحقق، عليكم أن تتمسكوا بمبدأ أن أمتكم واحدة”.
تحولات النظام العالمي
وأشار مستشار رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذوي القربى (YTB) التركية، منصور أوزدمير، أن “القادة الذين أسسوا مؤسسة إيفسو كان هدفهم هو تقوية العلاقات بين المسلمين حول العالم”.
وأشار إلى أن “إيفسو تأسست في مرحلة فارقة أثناء الحرب الباردة، ومؤتمرنا اليوم يأتي في مرحلة فارقة أيضا”.
وأكد أوزدمير على أن “طوفان الأقصى نقطة تحول في تاريخ أمتنا الإسلامية”، مشددا على أهمية الاستفادة من الفرصة لبناء نظام عالمي عادل.
اللغة والتكنولوجيا
ومن جانبه، أكد رئيس حزب الهدى في إسطنبول، محمد إيشين، على أن “الأمة الإسلامية لديها القدرة على النهوض، لكن هناك من يعمل على منعها من ذلك”.
وانتقد “إيشين” استخدام اللغة الإنجليزية في التواصل بين الحضور في المؤتمر، مشيرا إلى أن “علينا أن نتفق على لغة أخرى من لغات شعوبنا لنتواصل بها”.
ودعا إيشين إلى التركيز على التقدم التكنولوجي كما فعل أسلافنا.
تعزيز الوحدة والتفاهم
وفي كلمته المسجلة التي شاهدها الحضور، أشار نائب أمير الجماعة الإسلامية في بنغلاديش، عبد الله محمد طاهر، إلى أن “إيفسو منارة تجمع بين المعرفة ووحدة صف الطلاب المسلمين”.
وأوضح “طاهر” أن “تشظي الأمة وانقساماتها السياسية يضعف قوانا، ويعرقل اتخاذنا مواقف موحدة”.
ودعا طاهر إلى تعزيز جهود مقاطعة إسرائيل والقوى التي تساعد في اضطهاد الشعب الفلسطيني.
استرجاع الذاكرة التاريخية
بدوره، قال القيادي في الجماعة الإسلامية في الهند، سهيل كـ. كـ.: “نعيش في عالم ليبرالي يستهدف ثقافتنا”.
وأضاف: “خصومنا يعملون على محو ذاكرتنا التاريخية الإسلامية المشتركة”، مشيرا إلى أن “أهم فعل مقاوم يمكن أن نقوم به هو استرجاع هذه الذاكرة المشتركة”.
وبجانب كلمات الحضور، احتوى المؤتمر على لقاءات وورش عمل ونقاشات، تمحورت حول التحديات العالمية التي تجابه الأمة الإسلامية، واستراتيجيات السلام والاستقرار والتنمية؛ وسبل تعظيم أداء شباب الحركة الإسلامية، عبر استعراض إطارات العمل المتاحة لتعزيز إنتاجيتهم.
وفي البيان الختامي للقمة، أكد المشاركون على تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومعاناته، مستنكرين المواقف المخزية لكثير من حكومات العالم تجاه العدوان على غزة.
وشددوا على أهمية دعم الحراك الطلابي والشبابي العالمي الذي يسعى لدعم القضية الفلسطينية ويدعو الحكومات إلى اتخاذ مواقف أكثر جدية تجاه العدوان المستمر.
كما أعرب المشاركون عن تضامنهم مع الشعب السوداني الذي يواجه الصعوبات والمجاعة في ظل صمت إعلامي دولي، مؤكدين على ضرورة الوحدة الوطنية في السودان ورفض التدخلات الخارجية.
وشددوا على أهمية تكثيف الجهود لدعم القضايا العادلة للأمة الإسلامية، كما في تركستان الشرقية وكشمير وبورما، مع التأكيد على المسؤولية الجماعية التي تعكس وحدة الأمة وقيمها الجامعة.