بسم الله الرحمن الرحيم

لقد شكّل استشهاد السيدة مروة الشربيني والتي قتلت بدم بارد في ألمانيا علي يد متعصب مجرم مصدرا لحزن عميق لدي الشباب المسلم و ألما لكل إنسان يحمل أيا من صفات الإنسانية بين جوانحه. ونحن إذ نربط علي جراحنا في هذا الحادث الجلل, ندعو الله عز وجل أن يتقبل شهيدة الحرية مروة في أعلي الجنان و أن يرزق أهلها الصبر و السلوان.

لقد دعت كل الشرائع والأديان والمذاهب والفلسفات إلي حرمة النفس  البشرية وإحترام الآخر الديني والثقافي وإلي العيش المشترك والحرية. مما يدفعنا بشدة أن ندين هذا الإجرام وأن نتسائل عن خلفياته الثقافية والإعلامية والدينية والقانونية. ومما يزيد من اندهاشنا وغضبنا أننا قد تعلمنا من دين الإسلام أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا وتعلمنا من حضارة المسلمين أن الناس يولدون أحرارا لهم اختياراتهم و مشاربهم وهذا الحق-الحرية-هو من أقدس المطالب البشرية.

ونؤكد في هذا البيان علي:

• أن هذه القضية لابد وأن ينظر إليها نظرة تتعدي كونها مجرد حادث قتل. بل لابد من إلقاء الضوء علي العداء المتنامي المرضي وغير المبرر للإسلام والذي يعد الحادث إحدي تجلياته. ولابد من التحالف من أجل تحقيق الحياة العادلة الخالية من كافة أنواع الإيذاء النفسي للمسلمين في أوروبا ومواجهة كافة صور تعزيز الفرقة والإضطهاد والتمييز علي أساس الدين أو العرق
• أن المسلمون في أوروبا هم جزء من نسيج المجتمع و أحد مكوناته وبناته ولابد من التعامل معهم بهذا المنطق. فلا ينبغي أن يكون هناك فرق بين رد فعل المجتمعات في أوروبا حين يقتل فان جوخ أو مروة الشربيني لأن أصل المشكلة واحد هو رفض الآخر ومحاولة فرض الرأي بشكل عنيف وإرهابي
• إن التجاهل غير المفهوم من قبل وسائل الإعلام الغربية و كبري وكالات الأنباء لهذه الجريمة يعد مشاركة فيها. فقد دأب الإعلام علي وصم الإسلام والمسلمين بالإرهاب فساهم في تشكيل صورة ذهنية عدائية للمسلمين وثقافتهم في أوروبا. ولا يزال الإعلام يكرس هذه الصورة حينما يتم تضخيم وتعميم مثل هذه الجرائم إذا وقعت من جانب المسلمين و إهمالها إن وقعت وكررت من جانب غيرهم. ولنا أن نتسائل, هل لو كانت الحادثة وقعت علي يد شاب مسلم وكانت الضحية ألمانية كان التعاطي مع القضية سيكون بمثل هذه الطريقة؟ فلنراجغ تغطية أحداث مقتل فان جوخ إن أردنا معرفة الإجابة.
• إننا إذ نقدس ونعلي من حرمة النفس البشرية و عظم جرم التعدي عليها (ولقد كرمنا بني آدم), نري أن القصاص العادل من القتلة والمجرمين هو السبيل إلي ردع مثل هذه الجرائم و تحجيمها و صرف النفوس الخبيثة عنها لما تخافه من العقوبة. وإن التشريع الإسلامي ما شرع القصاص إلا لأن الجرم عظيم ولابد أن تكون العقوبة مكافئة للجريمة.
• إن هذا الحادث الإجرامي والمناخ الذي أدي إليه و المناخ الذي خلفه يفرض علينا العمل وبذل المزيد من الجهد لمد جسور التواصل بين البشر و علي احترام التنوع كقيمة إنسانية يعلي القرآن من شئنها إذ يقول:يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا. إن التواصل الحضاري هو السبيل إلي إيجاد تفهم وتقبل للآخر مما يؤدي إلي إيجاد صيغ للتعامل معه و مع معتقداته و ثقافته بناءا علي الإحترام المتبادل. هذا النوع من التواصل ليس من باب الترف الفكري بل هو دعوة إسلامية و ضرورة إنسانية للخروج من هذا الوضع الصعب.
• نتبنبي إطلاق مشروع بعنوان: “جائزة مروة الشربيني للحريات الدينية” و الهدف من الجائزة أن تشكل هذه الحادثة دافعا إلي إحترام الأديان و العيش المشترك ومواجهة الإسلاموفوبيا. وستمنح ثلاث جوائز سنوية واحدة لأفضل بحث وأخري لأفضل مشروع وثالثة لأفضل مفكر أو شخصية عامة قاموا بالعمل من أجل هذا الهدف الجليل. و سوف يتم الإعلان عن تفاصيل الجائزة قريبا.

وختاما فإنا نتوجه بالشكر إلي كل من يعمل من أجل عالم أفضل يستحقه بني البشر و ندعو المولي عز وجل أن يأجرنا علي مصيبتنا خيرا و يبدلنا خيرا منها. والله ولي التوفيق

الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية